بقيع الغرقد
وصلت الى احد علماء الحوزة في العراق رسالة من رجل شيعي كان في المدينة عند هدم القبور وهي مؤرخة في 8 شوال الموافق ليوم 21 نيسان 1923م نصها: "اعرض لكم ان جميع البلاد الحجازية مقهورة تحت سيطرة ابن سعود وحكمه المطلق فيها ولا يوجد في هذه البلاد من أقصاها إلى أدناها فرد واحد سواء من سكان المدن او البوادي يسعه ان يقف دون أوامره وأرادته النافذة . ومنذ ايام ورد المدينة قاضي قضاة الوهابية-الشيخ عبد الله بن بليهد- وبينما كان مجلسه غاصا بعلمائها صرح أمامهم انه يلزم تحصيل الاتفاق من جميع علماء المذاهب الأربعة على تخريب مقبرة البقيع تماًماً ومحو آخر اثر من آثارها على وجه الأرض . ونظراً لذلك فقد منعت زيارة جميع المراقد المطهرة وأغلقت أبوابها.ومنذ عشرين يوما لم نجرأ على قصد هذه المشاهد الشريفة وزيارتها إذ ان جنود الوهابيين قد رصدوا الحرم المطهر النبوي ومنعوا اي زائر من التشرف بزيارة سيدة نساء العالمين(عليها السلام) ومن التقرب الى ضريح رسول الله(صلى الله عليه وآله),.ثم ان قاضي قضاة الوهابيين لم يتمكن من تحصيل الاتفاق من علماء المدينة إلا بعد أيام اذ استعمل معهم الوسائل الأخرى المخوفة من القوة والبعض الأخر وافق ابتداء .فحكموا جميعا طبق رغبته ثم صدر الأمر بهدم وتخريب المراقد الشريفة فشرع الجند أولا بنهب جميع محتويات تلك البنايات المقدسة في البقيع من الفرش والستائر والمعلقات والسرج وغير ذلك.ثم عملوا بتخرب تلك المشاهد المقدسة وفرضوا على جميع بنائي المدينة الاشتراك في التخريب والهدم.والغرض الآن ان يقف على خبر الفاجعة جميع المؤمنين الذين يأملون بواسطة الأئمة الطاهرين الشفاعة والزلفى من الله تعالى ويشتركوا جميعا سواء العربي والفارسي والهندي والتركي, فيضغط كل منهم على حكومته للتدخل في رفع هذه المصيبة العظمى وتدارك ما وقع . اليوم وهو الثامن من شوال وقع التخريب والهدم في القبة المقدسة في البقيع ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم يلزم عليكم ان تبادروا جميعا الى إخبار علماء العراق جميعا بهذه الحادثة الفجيعة". قرر علماء العراق الشيعة اثر تلقيهم هذه الأخبار إعلان الحزن وإظهار الحداد وترك التدريس وإقامة صلاة الجمعة وعقد في صحن الكاظمية اجتماع حضره جمهور كبير من الناس وتليت فيه البرقيات والرسائل الواردة في هذا الشأن, كما نظمت البرقيات التي تقرر إرسالها الى ملوك وعلماء العالم الإسلامي في أقطارهم المختلفة, وجرى مثل ذلك في كربلاء والنجف . وأخذت الجرائد العراقية تنشر المقالات في التنديد بابن سعود وشجب إعماله فقد كتبت جريدة العراق في مقالة افتتاحية لها تقول:"قضي الأمر وأصدر ابن بليهد الفتوى المعلومة فقام بأكبر خدمة لسيده ابن سعود ولم يعلم بان مسعاه كان سهما أصاب كبد العالم الإسلامي .كما نشرت مقالة أخرى بقلم إسماعيل آل ياسين في الكاظمية عنوانها "الطاغية الكبرى والأماكن المقدسة في الحجاز" ورد فيما نصه : ايها المسلمون ما هذا السبات وما هذا الجمود الذي أدى إلى السكون وعدم الاكتراث بهذه القضايا المؤلمة والأدوار المخزية التي يمثلها ذلك الطاغية في البلاد المقدسة".وفي 4 حزيران 1923م نشرت جريدة العراق ثلاثة أبيات من الشعر طالبة من الشعراء تشطيرها وتخميسها وهي: لعمري ان فاجعة البقيع يشيب لهولها فود الرضيع وسوف تكون فاتحة الرزايا اذا لم نصح من هذا الهجوع فهل من مسلم لله يرعى