بقيع الغرقد
يوافق اليوم العاشر من شهر رمضان الشريف ذكرى عظيمة آلمت قلب نبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله، ألا وهي ذكرى وفاة أم المؤمنين زوجته الطاهرة السيدة خديجة بنت خويلد سلام الله عليها . ولدت سلام الله عليها في العاشر من ربيع الأول سنة 15 قبل البعثة سنة 25 من عام الفيل، كانت السيدة خديجة على دين ابيها وكانوا يعرفون بالحنفاء، وهي أول سيدة تدخل الاسلام كما جاء في الحديث الشريف ( أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الرجال علي بن أبي طالب عليه السلام ومن النساء خديجة ). وحين كان يذهب الرسول صلى الله عليه وأله وسلم لكي يصلي فقد كان يذهب إلى المسجد الحرام ويستقبل الكعبة وعلي عليه السلام إلى يمينه وخديجة خلفه ، وهي من أنفقت أموالها في دين الاسلام حيث جعلت ثروتها الطائلة تحت تصرف رسول الله صلى الله عليه واله، وشهد لها رسول الله صلى الله عليه واله بحديثه المأثور ( ما قام الدين واستقام إلا باثنتين سيف علي وأموال خديجة) سلام الله عليها . وكان رسول الله صلى الله عليه وأله يحبها حبا لم يحبه لزوجاته اللاتي تزوجهن بعد وفاتها، فهي اشتهرت بالجمال والكمال والشرف، وهي السيدة الوحيدة التي ينحدر من رحمها الطاهر نسل رسول الله، فكانت وعاء الأنوار وأم الإمامة حيث تؤكد النصوص المقدسة للأئمة المعصومين عند زيارتهم بقولها: أشهد انكم من أرحام طاهرة مطهرة، فهي الطاهرة وأم الأئمة الأطهار، وهي من كان رسول يشاورها في جميع أموره، وقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله أحاديث كثيرة منها (أربع نسوة سيدات عالمهن مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وأفضلهن فاطمة). فكانت سلام الله عليها الزوج الحنون لرسول الله صلى الله عليه واله حيث كانت تدافع عن الرسول وتفديه بكل ما تملك.. بروحها ونفسها.. حتى بلغت صرح المعالي وتدرجت مدارج الكمال، بصبرها ومؤازرتها للنبي الأعظم صلى الله عليه واله بالشدائد والمحن، حتى أعطت من نفسها المقدسة في عام الأحزان ، العاشر من شهر رمضان للسنة العاشرة من البعثة في مكة المكرمة ، على اثر المحاصرة الشديدة لرسول الله ولها وللمسلمين الضغوط والتعذيب لمدة ثلاث سنوات في شِعب أبي طالب، وعمرها في حدود الخامس والستون. يقع المزار الطاهر للسيّدة خديجة عليها السلام في بطن جبل حجون حيث كان على مدى أربعة عشر قرناً مزاراً يحجّ إليه ملايين المسلمين في موسم الحجّ والعمرة، لينهلوا من فيض نوره، لقرون عديدة كانت تعلو القبر ضريح وقبة شامخة، حتى جاء العام 1344 هـ، فسوّي الضريح بالأرض من قبل الزمر الوهابية الضالة.