بقيع الغرقد
ببالغ من الحزن والأسى وانطلاقا من قوله تعالى ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وتخليداً لذكرى وفاة السيدة أم البنين عليها السلام، انطلق بعد ظهر اليوم السبت13 جمادي الثاني 1433هـ الموافق 5/5/2012م موكب خدمة العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية والذي ضم مسؤولي ومنتسبي العتبات المقدسة وجمع غفير من الزائرين الذين توافدوا إلى مدينة كربلاء المقدسة لتقديم التعازي للإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهم السلام بهذه المناسبة الأليمة. و كانت البداية, انطلاق موكب لخدمة العتبة الحسينية باتجاه العتبة العباسية مروراً بساحة ما بين الحرمين وعند دخولهم للصحن الشريف لأبي الفضل العباس عليه السلام باعتباره المعزى الأول بهذه المصيبة , كان في استقبالهم موكب خدمة العتبة العباسية المقدسة, ليعقد مجلس عزاء وقصيدة حسينية. وخلال مسيرة الموكب صدحت حناجر المشاركين بالهتافات التي جسدت هذه الذكرى الأليمة والمصاب الجلل، وعَظمت سيرتها الخالدة المتمثلة بفضائلها وتضحياتها وسجاياها ودورها الريادي الكبير في بيت النبوة ومهبط الوحي وملتقى الملائكة فيما طالب آخرون منهم مع هذه الذكرى المفجعة، بتجديد الدعوة للإسراع بعمليات بناء المرقدين الطاهرين عليهم السلام . المشاركون اجمعوا على ضرورة مطالبة الحكومة السعودية للسماح بإعادة بناء مراقد الأئمة الأطهار في البقيع ومن ضمنهم قبر السيدة ام البنين عليها السلام وناشدوا كافة المسلمين في إنحاء العالمي الإسلامي بتنظيم احتجاجات وممارسة الضغوط على المملكة السعودية بهذا الاتجاه لتعود مراقد أئمة الهدى بقبابها إلى جانب المسجد النبوي تضيء سماء المدينة المنورة. والسيدة ام البنين هي فاطمة بنت حزام ، بن خالد ، بن ربيعة ، بن عامر ، بن كلاب ، بن ربيعة ، بن عامر ، بن صعصعة الكلابيّة ، فهي تنحدر من بيت عريق في العروبة و الشجاعة ، و قال عنها عقيل بن أبي طالب : ليس في العرب أشجع من آبائها و لا أفرس .تزوَّجها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، بإشارة من أخيه عقيل بن أبي طالب لكونه عالماً بأخبار العرب و أنسابهم ، حيث كان قد طلب منه الإمام ( عليه السَّلام ) أن يختار له امرأةً قد ولدتها الفحولة من العرب ليتزوّجها فتلد له غلاماً فارساً ، فاختارها له . لم تحضر أم البنين واقعة الطف ، إلاّ أنّها واست أهل البيت ( عليهم السلام ) و ضحَّت من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي بتقديم أولادها الأبطال الأربعة فداءً للحسين ( عليه السَّلام ) و لأهدافه السامية . ثم واصلت جهادها الإعلامي بعد مقتل سيد الشهداء و وصول أهل البيت ( عليهم السلام ) إلى المدينة المنورة ، فكانت تخرج كل يوم إلى مقبرة البقيع ومعها عبيد الله ابن ولدها العباس ، فتندب أبناءها الأربعة أشجى ندبة ، فيجتمع الناس إليها فيسمعون بكاءها و ندبتها و يشاركونها العزاء ، كما كانت تقيم مجالس العزاء في بيتها فتنوح و تبكي على الحسين ( عليه السَّلام ) و على أبنائها الشهداء الأربعة ، و لم تزل حالتها هذه حتى التحقت بالرفيق الأعلى .تُوفيت هذه السيدة الجليلة في الثالث عشر مِن جمادى الآخرة سنة : 64 هـجرية في المدينة المنورة و دُفنت بالجانب الغربي من جنة البقيع حيث يتوافد الزائرون لزيارة مرقدها الطاهر. يذكر أن العتبات المقدسة في كربلاء تخرج بمواكب تعزية خاصة بمناسبات وفيات أهل البيت عليهم السلام على مدار السنة ويكون انطلاقه أما من العتبة الحسينية إلى العباسية أو بالعكس.