بقيع الغرقد

 

 

 

 

 

التاريخ المكتوب والمنقول وما تسالمت، وتوترت فيه الأخبار؛ أن الإمام الصادق (ع) هو وريث تلك الجامعة العلمية التي أنشأها أبوه العظيم الإمام الباقر (ع) الذي بقر العلم وتوسَّع فيه وجمع الطلاب في مسجده وراح يفيض عليهم من نمير علمه الإلهي، والكوني، حتى اجتمع غليه ما لم يجتمع لغيره من أهل الإسلام قديمهم وحديثهم، وكان ولده الإمام الصادق (ع) الذي عاش معه حوالي أربعة عقود من الزمن ينهل من ذلك الفيض الرباني، والبحر الصَّمداني.

وعندما انتقل إلى الرفيق الأعلى وجنة الخلد، سلَّمها بكل ما فيها من عظمة، وجموع وعلوم إلى ولده البار، ووريثه العظيم، الذي جمع الفضائل في شخصه الكريم، واجتمعت القِيم في شاخصه العظيم فكان لا نظير له في فضله، ولعمه، يقول عنه الجاحظ: "جعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه"، وقال عنه مالك: (اختلفت إلى جعفر بن محمد زمانا، فما كنت أراه إلاّ على إحدى ثلاث خصال: إما مصلّياً، وإما صائماً، وإما يقرأ القرآن، وما رأيته يحدّث عن رسول الله (ص) إلا على طهارة، ولا يتكلّم بما لا يعنيه، وكان من العلماء العباد والزهّاد الذين يخشون الله، وما رأت عين، ولا سمعت أُذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً وعبادةً وورعاً).

أبو حنيفة النعمان قال: (لولا السنتان لهلك النعمان)، وقال حين سئل: مَن أفقه مَنْ رأيت؟ فقال: (ما رأيتُ أحداً أفقه من جعفر بن محمد)

قال الشهرستاني: (وهو ذو علم غزير في الدِّين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات، وقد أقام بـالمدينة مدة يُفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق، وأقام بها مدة ما تعرض للإمامة قط ولا نازع أحداً في الخلافة قط، ومَنْ غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شَط، ومَنْ تعلَّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حَط).

ويقول ابن حجر بعد حديثه عن ورثة الإمام الباقر (ع): (وأكملهم جعفر الصادق، ومن ثم كان خليفته ووصيه، ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمة الأكابر)

قال أبو نعيم في حلية الأولياء: (ومنهم الإمام الناطق، ذو الزِّمام السَّابق، أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق، أقبل على العبادة والخضوع، وآثر العزلة والخشوع، ونهى عن الرئاسة والجموع).

وروى بسنده، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: (كنتُ إذا نظرتُ إلى جعفر بن محمد الصادق، علمتُ أنه من سُلالة النبيين) (حلية الأولياء: ج3 ص192)

والعلامة الشبلنجي الشافعي قال في نور البصار: (ومناقبه كثيرة تكاد تفوت عدّ الحاسب، ويحار في أنواعها فهم اليقظ الكاتب) (نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار: ص145)

هذا الطود العلمي الشامخ، وهذا البحر من الفضائل، إذا مات أو قُتل فالأمة تموت وتُقتل به، لأنه روحها المتحركة، وقلبها النابض، وعقلها المفكر، ولذا كانت تداعيات شهادة الإمام الصادق كبيرة جداً على الأمة الإسلامية لا سيما وأن طغاة بني العباس وسلطاتهم أخذوا وريثه ووصيه الإمام موسى بن جعفر (ع) وأودعوه السجون المختلفة ومنعوه من النور وشمِّ الهواء، ولم يدعوه حتى قتلوه بالسم روحي له الفداء.

أحدث الاخبار

موكب أهالي كربلاء يحيي شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) عند مرقد الإمام الكاظم (عليه السلام)

موكب أهالي كربلاء يحيي شهادة الإمام الصادق (عليه ا...

أحيا موكب أهالي كربلاء المقدسة، ذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عند مرقد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، بالتعاون مع قسم الشعائر والمواكب والهيئات الحسينية. وقدّم الم...

خدمة العتبتين المقدستين يُحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) عبر موكب عزاء موحد

خدمة العتبتين المقدستين يُحيون ذكرى شهادة الإمام ا...

أحيا خدمة العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية ذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، عَبرَ موكب عزاء موحد. وقدّم الموكب التعازي بهذه المناسبة الأليمة، بمشاركة عضوي مجلس إدا...

طلبة العلوم الدينية في كربلاء ينظمون مسيرة عزائية بذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)

طلبة العلوم الدينية في كربلاء ينظمون مسيرة عزائية...

نظم طلبة العلوم الدينية في محافظة كربلاء المقدسة مسيرة عزائية بذكرى شهادة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام). وقال المشرف على مدرسة دار العلم في العتبة العباسية المقدسة، ‏السيد ح...